أخبار الهجرة

أستاذ مغربي يترك وظيفته ويهاجر رفقة زوجته الى كندا (وهذا آخر درس كتبه لنا)

لطالما تحدثنا في مواضيعنا المتعلقة بـ ” الهجره إلى كندا ” عن البرامج والشروط والاجراءات التي يجب أن يعرفها كل شخص أراد الإنتقال الى كندا سواء كعامل أو طالب أو سائح أو لاجئ…

لكن اليوم سنتحدث عن الهجرة الى كندا من جانب انساني، نحاول الاقتراب فيه أكثر من المهاجر الجديد الذي يترك كل شيء خلفه ويبتدئ كل شيء من الصفر.

مقالنا اليوم هو عبارة عن  كلمات كتبها أستاذ مغربي هاجر رفقة زوجته الى كندا بعد أن تركا وظيفتهما وباعا ممتلكاتهما وتخليا عن حلم الحصول على شهادة الدكتوراه (في التاريخ واللغة الانجليزية) بعد أن أمضيا ثلاث سنوات من البحث.

آخر درس تركه الأستاذ :

تداولت العديد من الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب رسالة هذا الأستاذ الذي يدعى “عبد المجيد الصغير” والذي من خلال كلماته أعطى صورة مصغرة عن الحالة المأساوية التي يعيشها رجل التعليم في المغرب بصفة أخص، ثم الحالة المأساوية التي يعرفها النظام التعليمي بصفة أعم.

لكن ما جعل رسالة الأستاذ تنتشر بين رواد مواقع التواصل الإجتماعي ليس مدلولها السطحي المتمثل في وصف المعاناة التي يعانيها رجل التعليم المغربي.

بل مدلولها العميق المتمثل في وصف الثنائية المتضادة ” الأمل/ اليأس ” داخل المغرب.

فالرجل وبالرغم من أنه موظف مع الدولة ولديه راتب كما أن زوجته أيضا موظفة ولديها راتب فإن هذا لم يكن كافيا للشعور بالأمل في هذا البلد.

وبعد انتقالهما الى كندا بالرغم من أنهما فقدا وظيفتها وبالرغم من أنهما شبه مفلسين كما جاء في الرسالة، فإن الأمل قد كبر لديهما لدرجة كبيرة وكبيرة جدا.

“أمل لم أكن أدرك أن بالإمكان إحياءه في نفسي بعد كل ضربات حكومة الملاعين”

فالدرس الأخير الذي أراد أن يقدمه لنا الأستاذ هو:

” الوطن هو المكان الذي نشعر فيه بالأمل ”

الهجره إلى كندا .. برودة الطقس أهون من برودة الظلم والتحقير والاستبداد

هذا ما جاء في رسالة الأستاذ:

” لأول مرة منذ ثمان سنوات، يحل شهر شتنبر دون صخبه المعتاد. لا “عودة ميمونة، أستاذ” تتناثر هنا وهناك بين الزملاء. لا أستلم “عدتي البيداغوجية” المتمثلة في دفتر رخيص وطبشور مكسور وممحاة لا تمحي آثار الطبشور إلا لتنثره داخل قفصي الصدري. لا ضجيج تلاميذ متحمسين للسنة الجديدة، ولا نظرات كآبة وسخط تعلو وجوه آخرين لأنهم سيكررون للعام الثاني أو الثالث محاولة اللحاق بمن سبقوهم من الزميلات والزملاء. يعود شتنبر دون أن يستوقفني آباء وأمهات وأولياء أمور في الشارع العام لاستعطافي لقبول بناتهم وأبناءهم المطرودين من صفوف المدرسة لسبب أو لآخر.

يعود شتنبر ولا يعود معه ترقب جدول الحصص القاض للمضاجع، ولا إرهاب الفائض المشتت لشمل الأسر. يعود شتنبر دون أن ترتج روحي خوفا على زوجتي التي تخاطر بحياتها لساعات يوميا في طرقاتنا الوطنية؛ فعش الزوجية في مكان، ومقر عملي في مكان آخر ومقر عمل زوجتي في مكان ثالث، أيستقيم هذا؟ يعود شتنبر ولا أعيد ملئ ورقة شخصية سخيفة تسألني كل مرة عن اسمي ورقم تأجيري وعنواني وتاريخ ميلادي وشهاداتي (التي لا تساوي عند الوزارة شيئاً) وجدول حصصي... دون أن تسألني عن مدى رضاي عن عملي وعن ظروفي ودون أن تلتفت لحاجياتي المهنية والنفسية والمادية. يعود شتنبر وقلبي منشرح لأنني لن أعاود المشاركة في مهزلة وطنية يكنونها امتحانات الباكلوريا والباكلوريا منها براء. يعود شتنبر دون أن أرى وجوهاً رجعية عابسة كارهة للحياة تتدخل في شؤوني الخاصة، أما العام منها فحدث ولا حرج.

يعود شتنبر وقد تركت أنا وزوجتي وظيفتينا، وبعنا سيارتنا وطلقنا معاً حلم شهادة الدكتوراه (الإنجليزية والتاريخ القديم) بعد 3 سنوات من البحث. فمن المسؤول؟

يعود شتنبر ملبداً بالغيوم وحابلاً بالتساؤلات حول المستقبل. يعود شتنبر وأنا شبه مفلس مادياً… لكنني كلي أمل؛ أمل لم أكن أدرك أن بالإمكان إحياءه في نفسي بعد كل ضربات حكومة الملاعين. يعود شتنبر وها أنا قد بدأت في لباس السميك من الثياب على غير العادة، فمناخ أمريكا الشمالية بارد كما تعلمون، لكن برودة الظلم والتحقير والاستبداد أقوى وأكبر وأدهى وأمر!

تحياتي لكم جميعا من مقاطعة كولومبيا البريطانية، كندا.

الاستاذ عبد المجيد الصغير ”

https://www.facebook.com/proflibres/photos/a.774950502556384/2640678982650184/?type=3&theater

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *