هل الهجرة الى نيوزيلندا أصبحت غير آمنة بعد الحادث الإرهابي؟ وماهي الوجهة الآمنة الآن؟
لعل الهجوم الارهابي في نيوزيلندا الذي أودى بحياة العشرات من المصلين يوم الجمعة الماضي 15 مارس 2019 جعل العديد من الأشخاص الذين يرغبون في الهجرة الى نيوزيلندا يعيدون التفكير في هذا الأمر حيث انضاف المشكل الأمني الى باقي المشاكل التي يعاني منها المهاجرون (الى ما قدك الفيل نزيدوك الفيلة)
وبما أن موقع أمجد هو موقع متخصص في الهجرة فإن العديد من الرسائل باتت تصل الى الموقع والى صفحة أمجد هجرة على فيسبوك تتساءل عن مدى جدية الدولة النيوزيلندية في حماية المهاجرين خصوصا المسلمين.
كما أن هناك من يتساءل عن دول أخرى للهجرة يمكن أن تكون وجهة آمنة بدل نيوزيلندا.
لذلك سنخصص هذا المقال للاجابة عن هذه التساؤلات التي باتت تشغل بال العديد من الأشخاص، رغم أننا ليس من عادتنا أن نتكلم في مواضيع الساعة، ولكن بما أن ما حصل له علاقة بالهجرة والمهاجرين فلا بأس أن ندردش فيه قليلا.
هل الهجرة الى نيوزيلندا باتت غير آمنة ؟
خير ما نبتدئ به هو قوله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :
“قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)”
وقولته تعالى :
” أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ۗ ”
بالنسبة الى نيوزيلندا فإن هذا العمل الإرهابي جعل البعض يصنفها من أكثر البلدان خطرا على المهاجرين من أصول اسلامية.
لكن هل هذا الحكم صحيح؟
من يعرف نيوزيلندا يعرف بأنها دولة مسالمة بعيدة عن الصراعات التي تعرفها العديد من دول العالم لكن كما قالت رئيسة الوزراء النيوزيلندية ياسيندا أردرن أن هذا الهجوم أفقد نيوزيلندا براءتها.
لذلك وعدت رئيسة الوزراء بتعديل قوانين حيازة الأسلحة لضمان عدم حدوث مثل هاته الأعمال الارهابية مجددا.
لكن وكما هو معروف فإن تعديل قوانين حيازة الأسلحة من أصعب التعديلات التي قد تجرؤ أية حكومة في نيوزيلندا أو استراليا أو أمريكا … على تعديله.
وذلك لأن لوبيات وتجار الأسلحة لن يقبلوا بأية تعديلات قد تمس بتجارتهم التي تدر عليهم ملايين الدولارات.
لذلك فما دام أن حمل السلاح غير ممنوع في نيوزيلندا فإن مثل هاته الهجمات قد تتكرر في أية لحظة من طرف كل من يحمل أفكارا ارهابية.
ما هي الوجهة الآمنة للمهاجرين بدل نيوزيلندا ؟
للأسف من الناحية الأمنية فإنه لا توجد بدائل آمنة للمهاجرين في ظل تنامي المد اليميني الشعبوي الحاقد على المهاجرين، والذي يعتبر الجنس الأبيض أسمى من جميع الأجناس.
هناك من يفكر في الهجرة الى كندا أو الى أستراليا ويعتبر أن هذه البلدان هي بمثابة بديل عن نيوزيلندا.
لكن في 29 يناير من سنة 2017 تمت في كيبيك عملية شبيهة بما حصل في نيوزيلندا حيث قام مسلح باطلاق النار في مسجد تابع للمركز الثقافي الاسلامي حيث أسفر عن مقتل 6 أشخاص وجرح 17 شخصا
في أستراليا أيضا وفي سنة 2016 وقع انفجار بالقرب من مسجد بمدينة بيرت الأسترالية، ولحسن الحظ لم يقع ضحايا ، وقد تبنى العملية متطرفون يرفعون شعار “من أجل قارة بيضاء”
في أمريكا أيضا فإن هناك العديد من الهجمات التي تم القيام بها ضد المهاجرين من طرف يمينيين متعصبين…
إذن ما يمكن استنتاجه أن الهاجس الأمني بات يهدد المهاجرين سواء كانوا في نيوزيلندا أو أمريكا أو حتى في أوروبا.
لماذا اشتد العداء ضد المهاجرين المسلمين في السنوات الأخيرة ؟
المتابع للمشهد السياسي في العالم سيلاحظ تنامي الأحزاب اليمينية الشعبوية التي تعادي المهاجرين من أصول إسلامية.
هاته الأحزاب استطاعت للأسف أن تصل الى سدة الحكم في كل من أمريكا والبرازيل وبريطانيا وكيبيك، وايطاليا، والمجر…
الخطاب المعادي للمسلمين أصبح صريحا ولم يعد بعض الساسة يخفون كرههم لتواجد المسلمين بينهم.
وبالتالي فإن تنامي الخطاب العنصري والمحرض ضد المهاجرين والمسلمين لا بد أن ينتج عنه أعمال ارهابية ودموية من طرف متشددين مشحونين بالخطابات العنصرية التي يتلقونها من زعمائهم المتطرفين.
فالارهابي الأسترالي الذي قتل 50 شخصا في نيوزيلندا أشار الى أنه معجب بالرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”
وهذا يدل على أن السياسة العنصرية التي يروج لها الرئيس باتت تلقى اقبالا عند أشخاص مستعدين لارتكاب أعمال ارهابية من أجل تطبيقها.
من جانب آخر فإن تنامي الأعمال العدائية ضد المهاجرين المسلمين راجع أيضا الى تصرفات المهاجرين في دول الهجرة.
وهذه حقيقة يجب أن نعترف بها إذا أردنا أن نعالج الخلل.
فالعديد من المهاجرين المسلمين يحاولون فرض قناعتهم الدينية على المجتمع الغربي الذي يعيشون فيه من دون مراعاة أن هذا المجتمع علماني أو مسيحي أو يدين بدين آخر غير الإسلام.
فلطالما رأينا مظاهرات في لندن مثلا تطالب بالشريعة الاسلامية…
ولطالما رأينا العديد من التصرفات الغير حضارية من طرف مهاجرين وللأسف يدعون أنهم مسلمون الشيء الذي يؤدي الى تشويه صورة الاسلام عند المواطن الغربي.
أيضا فإن انغلاق بعض المهاجرين على أنفسهم يجعلهم محط تمييز في المجتمع الغربي وذلك بسبب عدم قدتهم على الإندماج في المجتمع الجديد والتخلي عن الثقافة التي هرب منها في بلده.
كل هاته الأشياء تجعل من المهاجر المسلم فريسة لليمينيين المتطرفين الذين يبدأون في اطلاق أحكام عنصرية جاهزة على كل المسلمين.
خلاصة القول: الإرهاب لا دين له والعنف لا يولد سوى العنف، ودوامة العنف والانتقام لن تنتهي إلا بانتهاء مسبباتها.
ومن أهم مسبباتها خطاب الكراهية والعنف الموجه ضد الآخر المخالف لي في الدين أو البشرة أو الهوية.
فالجماعات اليمينية الغربية تغذي فكرة كره الأجانب والمهاجرين والمسلمين، والجماعات الاسلامية المتشددة تغذي فكرة كره غير المسلمين والجهاد فيهم….
وكل هاته الأفكار تؤدي فيه النهاية الى هلاك ودمار المجتمعات وهذا ما لا نتمناه.
أما بالنسبة لمن يسأل هل الهجرة الى نيوزيلندا أصبحت غير آمنة، أقول له مادام خطاب الكراهية سائد في العالم فإنه لا يوجد مكان آمن في هذا العالم.