نكاشات الأذن: لماذا لا نستطيع مقاومة الإغراء على الرغم من المخاطر ؟
رمقها الطبيب بنظرة الناصح الأمين وقال لها، "عديني ألا تضعي ولا نكاشة أذن واحدة بعد الآن داخل أذنك”.
منذ سنوات، اشتكت والدتي من آلام رهيبة بأذنها. كان ألمها لا يطاق، ولم يفارقها ولو للحظة لمدة أسبوع، مما أدى الى تكون صداع حاد برأسها ، الشيء الذي عجل بزيارتها للطبيب الذي فحصها بواسطة منظار الأذن وفي غضون ثوان نظر الى وجهها وقال لها ” أعرف ماذا تفعلين ”
“هل تحشرين نكاشات الأذن-Q-tips داخل أدنك؟”
“Q-tips هي ماركة نكاشات آذان شائعة الاستخدام” استعملتها والدتي وذلك رغبة منها في التخلص من ذلك الإغراء الناتج عن الإلتهاب الذي يحدث في الأذن ، لكنها لم تكن تعلم أنها بهذه الطريقة تعطّل سير عمليةٍ طبيعية.
كانت تعاني آلاماً مبرحة في الأذن بسبب الإلتهاب، والسبب كان على الأرجح استخدامها الدائم لتلك النكاشات. رمقها الطبيب بنظرة الناصح الأمين وقال لها، “عديني ألا تضعي ولا نكاشة أذن واحدة بعد الآن داخل أذنك”.
نستخدم الكثير من المنتجات في غير محلها ولغايات ليست أبدا الغرض الذي صنعت من أجله، فالكتب مثلاً نسوي بها الأسطح والطاولات، والجرائد لتنظيف النوافذ وإذكاء نار الموقد، والمياه الغازية لتنظيف البقع، ومناضد القهوة الصغيرة نتخذها متكأً لأرجلنا المتعبة، لكن لعل“نكاشات الأذن – مسحة قطنية – نكاشة قطنية” (كلها أسماء لمنتج واحد) المنتج الرئيسي الوحيد الذي يستخدم بالطريقة التي يحذر منها المصنعون.
يسوق المصنعون لمنتجهم هذا كي يستخدم منزلياً في التجميل والعناية الشخصية والأشغال اليدوية والتنظيفات المنزلية والعناية بالأطفال زائد بعض الاستخدامات الطبية المختلفة مثل التعقيم وغير ذلك، كما يلصقون دائماً على منتجهم التحذير “لا تدخل النكاشة في قناة الأذن”، غير أن الكل يعرف – وخاصة أطباء الأذن – أن العديدين وربما أن أغلب الناس يتجاهلون التحذير.
ماذا يقول التاريخ عن نكاشات الأذن ؟
طبيب الأنف والأذن والحنجرة دينيس فيتزغيرالد-Denis Fitzgerald يقول لصحيفة The Independent البريطانية، “يأتينا أناس يعانون مشاكل متعلقة بنكاشات الأذن ، إن أي طبيب أنف وأذن وحنجرة في العالم سيقول لك ذلك. يخبرك الناس أنهم يستخدمون النكاشات فقط للمكياج، لكننا نعرف لماذا أيضاً يستخدمونها، فهم يحشرونها داخل آذانهم”.
لم يكن الغوص في الأذن يوماً الغاية من صنع النكاشة، ولذلك لم يفطن المصنعون إلى إلصاق التحذير إلا بعد نصف قرن. والاختراع كان في أساسه من بنات أفكار رجل اسمه ليو غيرستينزانغ-Leo Gerstenzang رأى زوجته تعتني بمظهر طفلهما الصغير بنكاشة أسنان وضعت عند طرفها كرة قطن كي تدهن الطفل ببعض المستحضرات وتزيل بعض الأوساخ عنه، فخطرت له فكرة أفضل هي لف القطن على أطراف عود ما بشكل محكم.
وفي العام 1923، أطلق Gerstenzang منتجه الذي كان أول عيدان تنظيفية معقمة تشبه ذاك الذي في السوق اليوم لكن مع بعض الفروقات، فالعيدان كانت خشبية لا بلاستيكية، كما كان الطرف القطني واحداً لا اثنين كما الآن، وكان الغرض الاعتناء بالأطفال فقط.
والأهم من كل هذا وذاك أنه لم يكن هناك تحذير من وضعها داخل الأذن. فالإعلان الذي أطلق في العام 1927 كان يقول: “بشرى سارة لكل أم، إليك نكاشات Baby Gays ذات الأطراف عالية الجودة المعقمة بالبورون، مثالية للأعين وفتحات الأنف والآذان واللثة وغيرها من الاستعمالات”.
ثم في الأعوام التالية تغيرت بضعة أشياء كالاسم الذي اقتصر فقط على Q-tips (أطراف عالية الجودة)، والمادة التصنيعية باتت ورقاً، كما اختلفت طريقة تسويق المنتج لتشمل كافة الاستخدامات المنزلية، مع ذلك شيء واحد لم يتغير هو عدم وجود التحذير.
وفي السبعينيات، ظهر ملصق على العلب يحذر من حشر العيدان داخل الأذن، حتى بات التحذير هذه الأيام أكثر تفصيلاً ودقة، “يرجى عدم إدخال القطنة داخل قناة الأذن.”
متعة تنظيف الأذن!
نستمر في حشر العيدان القطنية بالأذن بسبب حقيقة بسيطة هي متعة الشعور الداخلي مع كل النهايات العصبية الحسية داخل الأذن، لكن هذا الاستخدام يؤدي إلى ما يسميه أطباء الجلد “دورة الحك والهرش” الإدمانية، فكلما استخدمت النكاشات كلما زاد شعور أذنك بالحك، والذي بدوره يدفعك إلى مزيد من الاستخدام الخاطئ.
لكن طبيب الأنف و الأذن والحنجرة Fitzgerald يبدو جدياً عندما يقول لصحيفة The Independent البريطانية، إن متعة الإحساس هذه أمرٌ سخيف مقارنة بالضرر الذي يحدث، ويلوم هو الآخر الإعلانات التي ساهمت عن غير قصد بنشر فكرة تنظيف الآذان بالمنتج “المذنب”.
يقول فيتزغيرالد، “ظن الناس أن من الطبيعي تنظيف الآذان، فهم يظنون أن صمغ الأذن قذارة ووساخة هم في غنى عنها، لكن ذلك ليس صحيحاً أبداً”.
ويرى Fitzgerald أن صمغ الأذن مثل الدموع في ترطيب وحماية مقلة العين، فشمع الأذن يحمي القناة السمعية داخل الأذن حيث الجلد رقيق وهش وعرضة جداً للالتهاب، “الجسم يفرز شمع الأذن لحماية قناة الأذن. ذلك الذي تزيله المفروض بقاؤه هناك، وهناك عملية ترحيل طبيعية تدفع بالشمع خارجاً إن تركته وشأنه”.
استخدامات بديلة لـ نكاشات الأذن:
إليكم بعص الإقتراحات للإستعمال واستخدام نكاشات الأدن:
- لإشعال الشموع ذات الفتيل القصير: هل سبق لك أن آذيت أصابعك أثناء محاولة إشعال شمعة بفتيل قصير؟ قل وداعاً لتلك الأيام، ببساطة اغمس النهاية القطنية للعود القطني في كحول طبي، ثم أشعله بقداحة وقربه من فتيل الشمعة. اللهب سيذيب الشمع فينكشف جزء أكبر من الفتيل المغطى أسفله، ما سيسمح بالإشعال.
- اصطحاب العطور معك عند الخروج: صعب وغير عملي أبداً أن تحملي قارورة شانيل 5 الثقيلة داخل حقيبتك الصغيرة، فما العمل؟ اغمسي أطراف الأعواد القطنية بالعطر ثم احفظيها داخل كيس بلاستيكي قابل للفتح والغلق بإحكام. الأمر ذاته ينطبق على ظلال العيون.
- تنظيف فتحات مجفف الشعر من الوبر: يسد هذا الوبر فتحات تهوية الجهاز، ولذلك قإن تنظيف المجفف بشكل دوري موصى به لضمان عمل الجهاز وأدائه الجيد.
- تنظيف لوحة مفاتيح الحاسوب الآلي: يقال أن لوح مفاتيح الحاسوب الآلي مرتعٌ للجراثيم أكثر حتى من كرسي الحمام. اذن عليك بهذه الأعواد القطنية واغمسها بالكحول الطبي المعقم ثم اذرع مسحاً بها للأعلى وللأسفل بين فتحات وتجاويف اللوحة كي تغدو نظيفة. مهمة قد تستنغصها عند النية، لكنك ستكتشف متعتها عندما تنهمك بها.
- إشعال النار: إن الأعواد القطنية المغمسة بمرهم فازلين أو مرهم الشفاه ،مثالية لإشعال النار في رحلات التخييم.
- تنظيف أسنان قطتك: لا حدود للنظافة وهوسها. نظف أسنان قطتك أو عينيها، لا فرق، فالأعواد القطنية صالحة للعناية بوجه الحيوانات عموماً.