متى يشعر الانسان بلذة النوم ؟ من منكم يستطيع أن يجيب على هذا السؤال ؟
سأجيبك بسؤال أيها الملك لكي تدرك صحة ما أقول ، وكان الملك يحمل في يده كأسا به خمرا
أتتذكرون تلك الحكاية التي قرأناها ونحن صغار في المدارس عن حوار حصل بين ملك ومجنون ، سنذكركم بها فهي تحوي حكم وعبر بالجملة .
يحكى أن أحد الملوك أراد أن يتسلى قليلا ، فخرح الى مستشفى للمجانين حتى يحادث أحدهم ويسخر من كلامهم و طريقة تفكيرهم .
وبينما هو يبحث عن ضحيته ، وقعت عينه على أحد المجانين الذي يبدو من هيأته أنه متوغل في الجنون ، فقصده وبدأ يسأله .
الملك : أنت أيها المجنون من الأذكى ؟ أنا أم أنت ؟
المجنون : بطبيعة الحال أنا
الملك : وما الذي جعلك تعتبر أنك أذكى مني ، وأنا ملك وأنت مجنون
المجنون : على الأقل أنا أفعل ما أريد وأنت لا ، وأنا أعرف ما أفعل وأنت لا
الملك ساخرا : أما الاولى فقد عرفناها ، فأنت تفعل ماتريد لأنك مجنون فقد تتبول أمامي ولا أحد سيحاسبك ، أما أنا فلا ، فقد تنزهت عن هكذا أفعال ، أما الثانية فكيف تعرف ما تريد ؟
المجنون : سأجيبك بسؤال أيها الملك لكي تدرك صحة ما أقول ، وكان الملك يحمل في يده كأسا به خمرا
الملك : تفضل سأسمع لك
المجنون : متى يشعر الانسان بلذة النوم ؟
الملك : أشعر بلذة النوم عندما أحسّ بالنعاس، وتثقل أجفاني، فأشتهي النوم.
المجنون : ولكنك ما تزال في مرحلة ما قبل النوم، فكيف يمكنك أن تشعر حقيقة بلذته؟
الملك : (بعد تفكير طويل ) أنت على حق، إنما أشعر بلذة النوم عندما أستلقي على الفراش، وأستسلم للرقاد، وأمضي في سبات عميق، مستغرقاً في النوم.
المجنون : ولكن لا يمكنك أن تشعر بلذة النوم، وأنت نائم لأن كل قواك معطلة.
الملك : (مندهشا ) نعم أنت محق، إنما أحسّ بلذة النوم عندما أصحو من النوم، ويكون صحوي هادئاً، بطيئاً، فأستيقظ، ثم أنهض، وأنا نشيط .
المجنون : أنت في هذه الحالة تكون قد غادرت النوم، وأصبحت بعيداً عنه، فكيف يمكنك أن تشعر بلذته؟
الملك : (وقد بدى عليه بعض الارتباك ) أنت على صواب، إنما أجد لذة النوم، عندما أحرم منه، وأمتنع عنه، فأطلبه فلا أجده، وأنا قلق أرق.
المجنون : هذا غير صحيح، كيف ذلك، وأنت محروم من النوم؟ كيف يمكنك أن تجد لذة النوم وأنت لا تجد النوم نفسه.
فغضب الملك غضبا شديدا وأدرك أن المجنون كان يقصد في كلامه بالنوم ، عن اللذة الموجودة في الخمر ، ومتى يشعر بها الانسان . ثم أدرك أنه بالفعل أنه لا يعرف ما يفعله في عدة أمور ثم قال
“أتيت لأسخر منه ، واحتقره ، فسخر مني وعلمني ، كم أنت كبير أيها الرجل” ثم أمر فأخرجه من المستشفى وعينه حكيما في القصر