عندما هددت أمن فرنسا .. قصة حقيقية شبيهة بالأفلام الهوليودية لمهاجر سري في أوروبا
لا شيء يعجزني في هاته الحياة مادمت نجوت من الموت مرات عديدة ...
…عند خروجي من السجن أعطتني الادارة اثنان وثلاثون ” فرنكا” وهذا مبلغ تعطيه لكل سجين عندما تنتهي محكوميته ويطلق سراحه ،كما سلمتني وثيقة ،من الداخلية الفرنسية تأمرني فيها بمغادرة فرنسا في أجل أقصاه خمسة عشر يوما ،وإلا سيتم اعتقالي مرة أخرى .
كان المبلغ زهيدا لا يكفي سوى لشراء علبة سجائر، وأخذ قهوة .
مباشرة من باب السجن سأتجه نحو محطة الحافلات التي ستوصلني الى ” مارسيليا ” ،،، كان شكل المحطة يشبه محطة حافلات النقل الحضري ،وكل حافلة توصل الى مدينة ما، او بلدة ،وذلك بطريقة منظمة ولا أثر للعشوائية كما عهدتها في المغرب .
وجدت حافلة متوقفة، وجهتها من خلال ما قرأت، مارسيليا ،فقصدت السائق الذي يبدو من أصول افريقية من خلال لون بشرته، ظننته يفهم العربية ، فحييته ب ” السلام عليكم ” ،نظر الي مستغربا وقال quoi ؟ بمعنى ماذا ،،فاستدركت وحييته بالفرنسية ،وطلبت منه مساعدتي في الوصول الى مارسيليا وذلك بأن يسمح لي بالركوب مجانا ، لانه لانقود معي وأني خرجت لتوي من السجن، ولا أهل لي هنا في فرنسا ،
فطلب مني الانتظار قليلا ريثما يوشك على المغادرة ويقلني معه، وبالفعل بعد خمس دقائق ناداني وأجلسني بجنبه في كرسي خاص بمرافق السائق ،كان في الحافلة ثلاثة ركاب فقط ،،فبقيت ارتقب ان يتوقف في محطات اخرى كي يكمل عدد المقاعد كما يحدث عندنا لكنه لم يتوقف الى ان وصلنا الى وجهتنا .
شكرته على الجميل ، تبسم في وجهي ،وقال هذا واجب ،ثم نزلت من الحافلة واتجهت صوب محطة القطار ” سانشارلز” . المكان الذي اعتقلت فيه انا والحسين الجزائري من قبل
محطة القطار كانت في موقع مرتفع من جغرافية المدينة وعليك صعود درج طويل المسافة للوصول اليها ،،
ذاك الدرج بني قديما وبقي مزارا للسياح فشكله الاثري الذي تزينه تماثيل الاسود جعله مكانا سياحيا بامتياز.
وبينما كنت اقصد المحطة،إلتفتت يمينا ،واذا بي افاجأ بصديقي ورفيقي في الهجرة ،” الحسين الجزائري” يصعد ايضا ذلك الدرج ،،لقد اطلق سراحه ايضا من سجن اخر في نفس التوقيت الذي اطلق فيه سراحي من “ايكس اون بروفونس ” وللصدفة ألقي القبض علينا معا في هذا المكان فكان سبب افتراقنا وها هو نفس المكان يجمعنا .
فرحت كثيرا وعانقته بالاحضان بعد ان فقدت الامل في الالتقاء به مرة أخرى خصوصا أننا غريبين في هذه المدينة ،بل في هذا البلد كله ،لذا كان يستحيل علينا الالتقاء ، لولا هاته الصدفة .
في ساحة الانتظار بالمحطة اشترينا القهوة والسجائر بتلك النقود التي أعطونا إياها من السجن ، فدخنا السجائر معا وشربنا القهوة ،وتحدثنا كثيرا عن وعد كنا قد قطعناه معا .
قلت له يجب علينا ان نفي بوعدنا ،،فهاهي حتى الاقدار تساعدنا في ذلك ،،لذا يجب علينا أولا أن نغادر هذا البلد المشؤوم ونرحل الى ايطاليا ،،هكذا اتفقنا مذ كنا في سجن ” مالغا” بإسبانيا .
لكن كيف السبيل للعبور الى ايطاليا ،ونحن معدمان ولا نملك سوى فرنكات معدودة لا نستطيع بها دفع ثمن تذكرة القطار لاقرب مدينة من مارسيليا ،فكيف بايطاليا ،، هكذا كان رد لحسين على كلامي ( للاشارة فالحسين ايضا مطالب بمغادرة فرنسا في اقل من اسبوعين ) .
ربتت على كتفه ،ورفعت تلك الوثيقة بأصبعين وقربتها من عينيه حتى كادت تلامس وجهه وقلت له .
-أترى هذه الوثيقة ؟
-نعم أراها
-اقرأت مافيها ؟
-نعم قرأت
-اتريدنا ان نبقى مكتوفي الايدي ،حتى يتم اعتقالنا مرة أخرى ؟ .
– بطبيعة الحال لا اريد ذلك ،،لكن ما العمل ؟
اسمعني جيدا يا حسين ؛ لا شيء يعجزنا في هاته الحياة مادمنا نجونا من الموت مرات عديدة وكل تلك السنين التي قضيتها في سجون مليلية ومالغا واكس اون بروفون ، لم تزدني الا اصرارا وعزيمة لبلوغ مرادي وما الوصول لإيطاليا الا البداية ، وهاته الوثيقة اللعينة ،ستكون هي معينتا في الوصول الى هدفنا فعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم ،ما عليك الا ان تتبعني في خطتي ،وأي مشكل سنلاقيه ،سأتحمل أنا عواقبه.
( مقتطف من كتاب” السيرة الذاتية لمحمد قمري” والذي لازلت في صدد كتابة مغامراته وتجاربه في عدة دول اوروبية ، وكيف نجا من الموت مرات عديدة ،،، ودوامة الفقر والغنى التي كان يسبح فيها فتارة تجده فقيرا معدما ،وتارة ،غنيا فاحش الثراء ،ومن عالم المافيا وتجارة الكوكاكيين ،الى تجارة الخردة والاواني المنزلية ، من محاربة النازيين الجدد ،الى محاربة الذباب في حي شعبي توقف فيه الزمن، من قصة غرامية رومانسية مؤثرة الى أنين الفراق وبحث مستمر عن أثر للحبيب في مواقع التواصل الاجتماعي )
سيرة رائعة ، مليئة بالاحداث ، والتشويق والمغامرة ، ثم في الاخير هناك عبر بالجملة أتمنى ان أوفق في تقديمها للقراء .
هههه أين باقي القصة من فضلكم، فهي تبدو مشوقة