البهائية .. ماذا تعرف عن هذا الدين السماوي الذي يؤمن بكل الأديان السابقة ؟
بقلم : ( أمل رياض )
الدّين البهائيّ هو أحد الأديان السّماويّة، ويشترك معها أساسًا في الدّعوة إلى التّوحيد، ولكنّه دين مستقلّ له كتبه المقدّسة وعباداته وأحكامه كالصلاة والصوم وغيرها، ولقد دعا إليه ميرزا حسين علي النّوري، الملقب ب “بهاء الله”.
يختلف مدى انتشار الدّين البهائيّ في العالم باختلاف المجتمعات وانظمتها. ولكن ما يتميز به هو القبول العام لمبادئه وتعاليمه، فالملايين الّتي تؤمن به اليوم تمثّل مختلف الأجناس، والأعراق، والثّقافات، والطّبقات، والخلفيّات الدّينيّة. ومنهم تتألّف جامعة عالميّة موحّدة، تحظى باحترام وافر في المجالس الدّوليّة، وتشترك، بوصفها منظّمة عالميّة غير حكوميّة، في نشاطات هيئة الأمم المتّحدة ووكالاتها المتخصصّة وخصوصا فيما يتعلق بالتعليم، وحماية البيئة، ورعاية الأم والطفل، وحقوق المرأة والإنسان، وغيرها مما يخدم البشرية.
تتميّز تعاليم الدّين البهائيّ بالبساطة والوضوح، وتركّز على الجوهر، وتبتعد عن الشّكليّات، وتحثّ على تحرّي الحقيقة، وتـنادي بنبذ التّقليد والأوهام، وتهتمّ بنقاء الوجدان، وتـنشد السّعادة الحقّة في السّموّ الرّوحانيّ، وتؤكّد أبديّة الرّوح الإنسانيّ، وتبشّر باستمرار تتابع الأديان، وتعلن أنّ الدّين هو سبب انتظام العالم واستقرار المجتمع، وتـنشد الحرّيّة في الامتثال لأحكام الله، وتشترط أن تكون أقوال الإنسان وأعماله مصداقًا لعقيدته ومرآة لإيمانه، وترفع إلى مقام العبادة كل عمل يؤدّيه الفرد بروح البذل والخدمة، وتعتبر الفضل في الخدمة والكمال لا في حبّ الزّينة والمال، وتدعو للصّلح والصّلاح، وتـنادي بنزع السّلاح، وتروم تأسيس الوحدة والسّلام بين الأمم، وترى إن كان حبّ الوطن من الإيمان فمن الأولى أن يكون كذلك حبّ العالم وخدمة الإنسان.
لا وجود في الدّين البهائيّ لكهنة، ولا رهبان، ولا رجال دين، ولا قدّيسين، ولا أولياء. والعبادة فيه خالية من الطّقوس والمراسيم، وتؤدّى صلاته على انفراد. وتميل أحكامه لتهذيب النّفس أكثر منها للعقاب، وتجعل أساس الطّاعة هو حبّ الله.
يعترف الدّين البهائيّ بأن الأديان السماويّة واحدة في أصلها، متّحدة في أهدافها، متكاملة في وظائفها، متّصلة في مقاصدها، جاءت جميعًا بالهدى لبني الإنسان. ولا يخالف الدّين البهائيّ في جوهره المبادئ الرّوحانيّة الخالدة الّتي أُنزلت على الأنبياء والرّسل السّابقين، وإنّما تباينت عنها قوانينه وأحكامه وفقًا لمقتضيات العصر ومتطلّبات الحضارة، وأتت بما يدعم روح الحياة في هياكل الأديان، وهيّأت ما يزيل أسباب الخلاف والشّقاق، وأتت بما يقضي على بواعث الحروب، وأظهرت ما يوفّق بين العلم والدّين، وساوت حقوق الرّجال والنّساء توطيدًا لأركان المجتمع. هذا بعض ما يقدّمه الدّين البهائيّ لإنقاذ عالم مضّطرب وحماية انسانيّة محاطةٍ بخطر الفناء، ما لم يتجدّد تفكيرها وتتطوّر أساليبها لتتمشّى مع احتياجات عصر جديد
أين ظهر الدين البهائي ؟
ظهر الدين البهائي عندما أعلن ” حضرة بهاء الله ” دعوة في بغداد أوائل مدة نفيه من ايران سنة 1863
ما علاقة الدين البهائي بالاسلام ؟
ولد حضرة بهاءالله في أسرة مسلمة ومجتمع إسلاميّ، لذا فيمكن القول بإنّ الدّين البهائي قد نشأ من الإسلام مثلما نشأت المسيحيّة من اليهوديّة، أو البوذيّة من الهندوسيّة. وعلى هذا السّياق فإنّ الدّين البهائي دين مستقل مثل هذه الأديان، وله حدوده وأحكامه وتعاليمه ومؤسّساته.
كيف ينظر الدين البهائي لسائر الأديان ؟
يؤمن البهائيّون بأنّ جوهر الأديان واحد، وبأنّ سيدنا إبراهيم وموسى وزرادشت وبوذا وكرشنا والمسيح ومحمدًا عليهم السلام هم جميعًا رسل مبعوثون من جانب إله واحد. ومن أجل ترويج الوحدة الدّينية يوصي حضرة بهاءالله أتباعه بالأخذ بالتّسامح وترك التّعصّبات والمعاشرة مع الأديان كلّها بالرّوح والرّيحان.
ماهي نظرة الديانة البهائية للحياة بعد الموت ؟
يرى البهائيون أن السبب من وجودنا هو عرفان الله وعبادته. والمقصود بعرفان الله هنا هو عرفان تعاليم الله وأحكامه، ومن ثم عبادته باتباع هذه التعاليم والأحكام. وبذلك تكون الغاية من حياتنا على هذه الأرض هي بناء قدراتنا الروحية، والعمل على ترقية الروح بعبادة الله وإطاعة أحكامه وخدمة الإنسانية جمعاء.
وبعد صعود الروح إلى بارئها وخالقها فإنها تحاسب بما عملت، فالروح التي انشغلت في عبادة الله وإطاعة أحكامه، فهي بلا شك تتمتّع بالقوى الملكوتية التي تحتاجها في العالم الإلهي، والتي تساعد الروح على الحضور في حرم قدس السبحان، والبقاء بالقرب من الله تعالى، رب العزة. وهذا الموضع، وهو القرب من الله تعالى، وهو خالق الروح، والذي فطرت الروح على محبته سبحانه، هو بمثابة الجنة لهذه الروح. فأي نعيم أفضل للحبيب من أن يكون بالقرب من محبوبه، وفي محضره.
والروح التي لم يقم صاحبها بالعمل على تقوية ملكاتها الروحانية في حياته، وانشغل صاحبها بإشباع غزائزه وشهواته، تكون فاقدة للقوى التي تحتاجها في العالم الملكوتي، وتصبح عاجزة عن الصعود للبقاء بقرب الله تعالى. وأي عذاب وضيق أشد من أن يكون الحبيب بعيد عن محبوبه، ومحروم من الاستئناس مع أحباء الله
ما الغاية من وجود هذا الدين ؟
البهائيّون يؤمنون بأن محمدا و عيسى و موسى ، وما سبقهم من رسل، هم مرسلين من عند الله، أتوا بتعاليم وأحكام إلهية كانت بمثابة نور هداية للإنسانية، وسببًا لحصول تقدّم روحي ومادي للبشرية جمعاء.
ولكن بتقدّم الزمن، ابتعدت الناس عن تعاليم الله وأحكامه، ونسيت روح وأصل الدين، ونسيت البشرية الغاية من خلقها، وأصبح الجميع تائه في ظلام الأوهام. هنا لا بد من هداية إلهية للبشرية، ووحدها القدرة الإلهية باستطاعتها أن تخرجنا من هذا المأزق، وهنا تأتي الحاجة إلى مظهر إلهي جديد في هذا العصر.
هل يوجد لدى الدين البهائي كتاب مقدس ؟
الكتاب الأقدس هو أمّ الكتاب في الظّهور البهائيّ، نزّل باللّغة العربية من قلم حضرة بهاء الله وهو جوهر ولبّ الآثار البهائيّة، ويشتمل على الحدود والأحكام والنّصائح الأخلاقيّة، وأسس تشييد مؤسّسات ستعمل على إيجاد نظام عالميّ مبنيّ على مبادئ روحانيّة وأخلاقيّة. إنّه أحد آثار حضرة بهاءالله الغزيرة التي تؤلّف ما لا يقل عن مائة مجلد لو جمعت، وتمسّ مواضيع شتّى كالأحكام والمبادئ المتعلّقة بسلوك الفرد والحُكم والمجتمع، والكتابات العرفانيّة في رقيّ الأرواح ورحلتها الأبديّة نحو الله بارئها. وتُعتبر الآثار الكتابيّة المتعدّدة لحضرة الباب، و ألواح حضرة عبدالبهاء وتفاسيره و رسائل حضرة شوقي أفندي وتفسيراته مصادر مقدّسة بالنّسبة للبهائيّين. وعلاوة على ذلك فإنّ البهائيّين يعترفون بالكتاب المقدّس والقرآن الكريم والكتب المقدّسة لسائر الأديان السّماويّة الأخرى على أنّها آثار مقدّسة.
كيف يمكن الانضمام الى الدين البهائي ؟
لا يوجد أي طقوس أو مراسم خاصة للدخول في الدين البهائي. إن الإيمان محلّه القلب وكل من يشارك البهائيين إيمانهم بأن هداية الله للبشر مستمرة وأن تتابع الرسل هو أمر لا بد منه لاستمرار تدفق الهداية الإلهية؛ كل من يؤمن بأن دين الله واحد وهو ينمو ويتطور ويتكامل مع تطور البشرية ونموها وأنه بتغير مقتضيات الزمان والمكان، لا بد للتعاليم الإلهية أن تتغير لتناسب مستوى التقدم الفكري والحضاري للبشرية؛ كل من يؤمن بأن الرسل جميعًا هم كالمرايا الكاملة الصفاء التي تعكس لنا النور الإلهي نفسه وأنهم حلقات في سلسلة متصلة لا نهاية لها من الهداية الإلهية، وأن حضرة بهاءالله هو أحدث رسل الله في هذه السلسلة وأن الدين البهائي هو المرحلة المعاصرة من تكشف الوحي الإلهي وتعاقب الأديان، فهو يعد بهائيًا.
مواضيع قد تهمك :
هل يؤمن البوذيون بوجود إله ؟ و كيف يفسرون سبب وجود الأديان في العالم